تطور مفهوم كلمة "أدب" بتطور الحياة العربية من الجاهلية حتى أيامنا هذه عبر العصور الأدبية المتعاقبة ، فقد كانت كلمة "أدب" في الجاهلية تعني:الدعوة إلى الطعام . وفي العصر الإسلامي استعمل"أدب" بمعنى جديد:هو التهذيب والتربية .
أمافي العصر الأموي،أكتسبت كلمة "أدب "معنى تعليميا يتصل بدراسة التاريخ ،والفقه،والقرأن الكريم،والحديث الشريف . وصارت كلمة أدب تعني تعلم المأثور من الشعر والنثر. وفي العصر العباسي .نجد المعنيين المتقدمين وهما:التهذيب والتعليم يتقابلان في استخدام الناس لهما .
وهكذا بدأ مفهوم كلمة الأدب يتسع ليشمل سائر صفوف المعرفة وألوانها ولا سيما علوم البلاغة واللغة أما اليوم فيطلق كلمة "الأدب" على الكلام الانشائي البليغ الجميل الذي يقصد به التأثير في العواطف القراء والسامعين .
تاريخ الأدب وتدوينه:
يعني تاريخ الأدب بالتأريخ للأدب ، ونشأته، وتطوره، وأهم أعلامه من الشعراء، والكتاب. وكتاب تاريخ الأدب ينحون مناحي متباينة في كتابتهم لتاريخ .فمنهم من يتناول العصور التاريخية عصراً عصراً .ومنهم من يتناول الأنواع الأدبية ، كالقصة، والمسرحية، والمقامة.
ومنهم من يتناول الظواهر الأدبية ، كالنقائض ، والموشحات .ومنهم من يتناول الشعراء في عصر معين أو من طبقة معينة . حتى أذا جاء العصر العباسي الثاني .أخذ الأدب يستقل عن النحو واللغة ، ويعني بالمأثور شرحا وتعليقا الأخبار التي تتعلق بالأدباء أنفسهم .
وفي العصر الحديث انبرى عدد كبير من الأدباء ، والمؤلفين ، والدارسين ، فكتبوا تاريخ الأدب العربي في كتب تتفاوت في أحجامها ومناهجها، فجاء بعضها في كتاب ، والبعض الأخر في مجلدات . مثل كتاب " تاريخ الأدب العربي " للسباعي.
تقسيمات تاريخ الأدب العربي وعصوره :
درج مؤرخ الأدب العربي على تقسيم العصور الأدبية تقسيما يتسق مع تطور التاريخ السياسي ، لما بين تاريخ الأدب وتاريخ السياسة من تأثير متبادل .ولكن هذا التقسيم لايعني أن الظواهر الأدبية تتفق مع العصور التاريخية اتفاقا تاما ، وذلك أن الظواهر الأدبية تتداخل قليلا أو كثير في العصور التاريخية .(1)
ينقسم تاريخ الأدب العربي إلى عصور هي:
1- العصر الجاهلي: يبتدئ هذا العصر مع أول شعر وصلتنا روايته، وكان ذلك في أيام مهلهل بن ربيعة وامرئ القيس، ويقدر الباحثون ذلك الزمن بأنه قبل الإسلام بمائة وخمسين عاماً، وينتهي هذا العصر بظهور الإسلام، وتأثيره في الأدب.
2- العصر الإسلامي: بداية هذا العصر هو ظهور الإسلام وتأثيره في الأدب، ونهايته هي نهاية حكم الخلفاء الراشدين، وأدب هذا العصر ملتزم بالإسلام التزاماً تاماً.
3- العصر الأموي: يبدأ هذا العصر سنة 41 هـ. عندما انتقلت الخلافة إلى معاوية وينتهي سنة 132هـ عندما انقرضت الدولة الأموية، وتبرز المذاهب السياسية في أدب هذا العصر، وتقليد الشعر الجاهلي في بروز العصبية القبلية وبعث مفاخر الآباء.
4- العصري العباسي: يبدأ هذا العصر مع بداية الدولة العباسية سنة 132 هـ. وينتهي بسقوط هذه الدولة سنة 656 هـ وهو عصر طويل لا يمكن أن يدوم فيه الأدب على حالة واحدة؛ ولذلك يقسمه علماء تاريخ الأدب إلى ثلاثة عصور هي:
(أ) العصر العباسي الأول من سنة 132 هـ إلى سنة 232 هـ أي إلى أيام المتوكل من خلفاء بني العباس.
(ب) العصر العباسي الثاني من سنة 232 هـ إلى سنة 447 هـ أي إلى أيام السلاجقة [1].
(ج) العصر العباسي الثالث ويبتدئ سنة 447 هـ وينتهي سنة 656 هـ عندما استولى التتار على بغداد.
ويتميز العصر الأول بتنوع مادة الأدب وقولها، أما العصر الثاني فقد أينعت فيه ثمار الأدب ولكن الصنعة بدأت تسيطر عليه، وفي العصر الثالث اعترى الأدب الضعف.
5- عصر الدول المتتابعة: يبدأ هذا العصر باستيلاء التتار[2] على بغداد وينتهي بتأثير الحضارة الأوربية في الأدب العربي وذلك في بداية القرن الثالث عشر الهجري.
ويشمل هذا العصر حكم التتار لشرقي البلاد الإسلامية وحكم المماليك لمصر، وحكم الأتراك العثمانيين للبلاد الإسلامية، وهذه الدول حكامها من غير العرب فهم لا يتذوقون الأدب ولا يشجعون الأدباء ولذلك تطرقت إليه الركاكة وعدم الوضوح والجمود في فترات من هذا التاريخ الأدبي.
6- العصر الحـديث: يبتدئ هذا العصر بقيام الحركات الإصلاحية في بعض البلاد العربية كحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية - في منتصف القرن الثاني عشر الهجري - كما يعد التأثير الأوربي (سلباً أو إيجاباً)- في بداية القرن الثالث عشر الهجري - ذا أثر بين في بعض البلاد العربية كما هو الحال في سوريا ولبنان ومصر.
بالإضافة إلى تأثير الحركات الإصلاحية كحركة جمال الدين الأفغاني – والسنوسي وغيرهما.
ويمتد هذا العصر إلى أيامنا هذه وفيه عاد للأدب رونقه وبهاؤه